حلول للسياسات البديلة | التحديث العمراني القسري:‬ مخاوف توجهات التنمية في القاهرة‬‬‬‬‬‬

التحديث العمراني القسري:‬ مخاوف توجهات التنمية في القاهرة‬‬‬‬‬‬

  • ١٤ أبريل، ٢٠١٩

أحمد زعزع

أحمد زعزع، هو باحث و مصمم عمراني، مهتم بالممارسات اللارسمية في المدينة والإسكان.‬‬ شارك زعزع في تأسيس شركة "10 طوبة" للدراسات والتطبيقات العمرانية، كما شارك في تأسيس مجموعة مد، وهي كيان مستقل من العمرانيين، يتواصل مع المجتمع من خلال مبادرات محلية تجمع بين أفكار ومقترحات وخبرات، للعمل على مشاريع وأبحاث تشاركية.‬‬ يعمل زعزع أيضاً، كمدرس للعمارة في جامعات، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة الأمريكية في القاهرة، وجامعة العلوم الحديثة والفنون بالسادس من أكتوبر.‬‬

يحمل مفهوم كلمة "‬قسري"‬، الإكراه على فعل شيء ضد رغبة الإنسان الواقع عليه الفعل.‬ ولأن الدساتير والقوانين تمنع إكراه أي شخص أو مجموعة على فعل أي شيء يتعارض مع الرغبة، استُخدِمَت مصطلحات مقبولة اجتماعيًا، بل مطلوبة، لإضفاء شرعية على الأفعال المقرونة بمصطلح "قسري" وتجميلها. واستُخدمت مسميات أخرى بديلة للإخلاء القسري، مثل التنمية العمرانية الجديدة، وتطوير المدينة، وبناء مراكز مال وأعمال. تلك المسميات ليست جرائم في ذاتها، لكن عندما يكون تحديث المدينة قائمًا على أطلال حياة مجتمعات تم ترحيلها لأماكن أخرى، يصبح التحديث قسريًا، بدون رضا السكان الأصليين في موقع مشروعات التحديث.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

يعد هذا المقال محاولة لرصد التغيرات العمرانية في القاهرة خلال آخر 40 عامًا. كما يطرح المقال العديد من الأسئلة حول علاقة الحكومات بالشعوب في التنمية العمرانية،‬ حيث يكون السؤال الأهم هو: كيف يدرك صانعو القرار الكتل البشرية؟ يفتح هذا السؤال العديد من التحقيقات، عن مفاهيم الدولة بشأن التعامل مع السكان والمدينة.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الخلفية النظرية

تناولت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية في مجالات العمران والمدن، نتائج وتوصيات تشير إلى قضيتين هامتين.‬ الأولى: أهمية تخطي الأساليب والرؤى التقليدية في مجالات التخطيط، لإمكانية بناء قواعد جديدة لقبول استخدامات مختلفة من المجتمعات في البيئة العمرانية.‬ وذلك من خلال تحفيز العمل على تخطيط عمراني أكثر حساسية وخصوصية تجاه ثقافة المجتمع المستهدف وسلوكياته، فضلًا عن عدم التعامل مع المدينة كخريطة صماء، وعدم إلزام المجتمع بقبول نماذج موحدة يُفترض أنها ملائمة لمجموعات مختلفة من البشر.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

والثانية: الحاجة الماسة لتقوية إدماج اللارسمي مع الرسمي، وكسر الحاجز التقليدي بين الرسمي واللارسمي، لدمج مساحات عمرانية طالما كانت منعزلة عن بعضها البعض،‬ وذلك من خلال تهيئة السياسات لنشأة مجتمعات عمرانية قائمة على المساواة، وتقديم نماذج متعددة تسلط الضوء على أن عملية التخطيط هي عملية مرنة ومستمرة ولا تعطي نتائج ثابتة، وقد تنمو بشكل حضري، متناقض مع ما افترضه المخططون وصناع القرار، فهي سلسلة من المؤشرات التي يجب التعامل معها بشكل مستمر على مدار الوقت، للوصول إلى فهم العلاقات الإنسانية مع البيئة العمرانية، بشكل أشد عمقًا (Petti, 2008).

‬ولكن يبقى السؤال؛ هل يدرك صناع القرار في مصر تلك المفاهيم والمبادئ الجديدة؟

لماذا وصلت القاهرة لوضعها الراهن؟

بالرغم من أن حيوية القاهرة الممزوجة بالفوضوية والعفوية تعكس طرقًا للبقاء، وتشكل تعبيرًا شخصيًا وجماعيًا عن المدينة، فإن ‬قوانين تلك المدينة تتعارض مع مبدأ "الحق في المدينة".‬ فتوجهات الدولة في التنظيم الفراغي تجسد غياب العدالة العمرانية. ‬لأن القاهرة، كمدينة كبرى، يسيطر على طابعها العمراني القطاع اللارسمي بنسبة 65٪ من بيئتها العمرانية (GIZ Egypt, 2000)، حيث بدأت المناطق اللارسمية في القاهرة في التحول إلى ظاهرة متكررة وذات وتيرة نمو سريعة، في منتصف سبعينيات القرن الماضي.

يرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها التحول الاقتصادي لاعتماد سياسة الانفتاح، عندما بدأت الدولة تنسحب تدريجيًا من التدخل في الحركة الاقتصادية المباشرة، مما أدى إلى فتح الباب أمام الأفراد والشركات الخاصة للعمل بحسب رؤيتهم ومصالحهم، لا بحسب تقدير الحكومة. واستمر هذا التطور في الثمانينيات والتسعينيات مع تزايد الاستثمار الخليجي، وبضغط من البنك الدولي، كشرط لسداد الدين. ولأن معظم الاستثمارات كانت تُوَجَّه للعاصمة، فقد تحولت القاهرة إلى المدينة المركزية في مصر، حيث تتوفر كل الفرص الاقتصادية، فأصبحت مثل مغناطيس؛ يجتذب حشودًا من سكان أقاليم مصر المختلفة كل عام.

لم تستطع الكتلة السكانية استيعاب تلك الأعداد المهاجرة، فبدأت العائلات في تحويل الأراضي الزراعية إلى مبانٍ سكنية صغيرة، وتطورت تلك المباني لتصبح اليوم أبراجًا سكنية تستولي على الأراضي الزراعية، وبعض أراضي الدولة. وظلت تلك المناطق في نمو مستمر، دون أن توقفها الحكومة بأي سياسات واقعية أو قابلة للتنفيذ، فتزايدت واستقرت، وصارت أحياء كاملة لأكثر من 30 عامًا.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

‬الدولة بين المسؤولية والمكسب

‬‬‬تقدمت الدولة بحل "مشاريع الإسكان الحكومي" كبديل للمناطق اللارسمية، وذلك لاستكمال منهجية جمال عبد الناصر لحل الأزمة السكانية. وهذا الحل عبارة عن كتل سكنية موحدة الشكل، والمساحة، والموقع، والفراغات العامة، وحتى الألوان، عادةً، تقع خارج الحدود العمرانية للمدينة (مثال: مشروع عثمان على طريق الفيوم، ومشروع مدينة السلام والنهضة على طريق بلبيس الصحراوي). وبالرجوع إلى الدراسات والأبحاث العمرانية والاجتماعية السابقة، نجد أن أغلب محاولات الدولة لتوفير ما يطلق عليه سكن الفقراء من خلال مشاريع الإسكان الحكومي، لم توفر معايير السكن الملائم. وذلك لأن محاولات وضع مجموعات مختلفة من السكان، باحتياجات ومشاكل وإمكانيات مختلفة في مكان واحد، داخل وحدات سكنية موحدة، يستحيل أن تحقق رغبات السكان وتوفر احتياجاتهم. لذلك لم ينجح ذلك النمط في إتاحة بديل للنمط اللارسمي، فاستمر النموذج اللارسمي في النمو.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

‬بالتوازي مع محاولات الدولة للحد من النمو اللارسمي، وفي النصف الثاني من التسعينيات، بدأ توجه الدولة في الاستفادة من الموارد يتغير إلى تقسيم الأراضي الصحراوية الملاصقة للقاهرة، وبيعها للمواطنين والشركات الاستثمارية؛ مما أنشأ تجمعات عمرانية جديدة، صُمِّمَت من أجل الاستثمار فقط، إذ راعى تخطيطها العائد المادي في المقام الأول (Sims, 2019)، وصار نموذجًا موازيًا للنمط اللارسمي، متساويًا في الوتيرة، متضادًا في الطبيعة، فاستهدفت الدولة تسكين 3.6 ملايين ساكن وساكنة في عام 2006، ولكن للأسف، لم تجتذب تلك التجمعات الجديدة أكثر من 700 ألف فقط، أي ربع الرقم المستهدف.

وفي عام 2017، أي بعد 11 عامًا من الاستهداف، احتوت المدن الجديدة على 1.3 مليون ساكن وساكنة، أي ثلث الرقم المستهدف (Madd Platform, 2015). وقد اقتصرت التجمعات العمرانية الجديدة على استهداف شرائح الدخل المرتفع وفوق المتوسط، التي تحتوي اليوم على 89٪ من السكان، بينما تمثل شرائح الدخل المتوسط 6٪، وتمثل 5٪ شرائح الدخل المنخفض والأكثر فقرًا. (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، 2013). وبالتالي، أصبح ذلك نمطًا مقتصرًا على المقتدرين، ولافظًا لشرائح الدخل المحدود، فصار نموذجًا أكثر فصلًا عن اللارسمي. وهو يُطوَّر حاليًا من أجل أن تصبح العاصمة الإدارية الجديدة لجمهورية مصر العربية، على نفس نهج المدن الجديدة من حيث عملية الاستثمار والإدارة.‬ ‬‬‬‬‬‬

‬ماذا عن مستقبل قلب القاهرة؟

بالرغم من أن النمط اللارسمي أصبح طابعًا عمرانيًا رئيسيًا، فقد حاولت الدولة، في أوائل القرن الحالي، محاولات متكررة لفصل ذلك النمط عن المدينة، من خلال وصمه بالعشوائية ومخالفة القانون، والتدخلات المستمرة بالهدم والإخلاء. ‬وفي عام 2008، عرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء الحالي (رئيس هيئة التخطيط العمراني حينها) مشروع "‬القاهرة 2050".‬ وتلخص المشروع في تغيير شكل قلب القاهرة، وتحويل معظم الأحياء إلى مراكز مال وأعمال.‬ وذلك من خلال التدخل في المناطق اللارسمية، لإخلاء مناطق تضم أكثر من 2 مليون ساكن وساكنة (تقدير مبدئي للباحث). ومنذ عام 2008 وإلى عام 2011، تبنت مجموعة من المتخصصين في علوم العمران والاجتماع والاقتصاد، التصدي لذلك المشروع، الذي سيؤدي إلى اختفاء هوية القاهرة، بالإضافة إلى فقدان قيم اجتماعية عديدة من خلال عملية نقل السكان.‬ وبالفعل، نجحت ثورة يناير في تعطيل المشروع.‬ ولكن في عام 2014، أسندت الدولة وزارة الإسكان للدكتور مدبولي، وكان أول تصريحاته أن مشروع "القاهرة 2050" مستمر.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

شكل 1: مشروع "القاهرة 2050".‬ تصور لمنطقة مثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق وكورنيش إمبابة

المصدر: العرض الرسمي لهيئة التخطيط العمراني، عام 2008

وبالتوازي مع الإعلان عن مشروع "القاهرة 2050" في عام 2008، أنشِئ صندوق تطوير المناطق العشوائية، لحصر المناطق اللارسمية وتصنيف المناطق غير الآمنة فيها، وفقًا للمعايير التالية:‬ ‬‬

درجة أولى: وهي المناطق المهددة بعوامل طبيعية كالتجمعات اللارسمية في مخرات السيول، أو أسفل جبل مهدد بتساقط صخور. والتعامل مع تلك الأنماط يكون بإزالة المنطقة، وإعادة التسكين في مناطق أخرى.

درجة ثانية: وهي مناطق ذات مبانٍ متهالكة، حيث تُدرَج المنطقة إذا زادت نسبة مبانيها ذات الحالة السيئة عن 50٪. ويكون التعامل مع المنطقة بالإزالة وإعادة التسكين في مناطق أخرى، أو نفس المنطقة بعد تطويرها.

درجة ثالثة: وهي المناطق التي تقع بجانب أنشطة أو عوامل تضر بالصحة، كالبناء أسفل كابلات الضغط العالي، أو بجانب مصانع تنتج عوادم ضارة. ويكون التعامل بالتطوير المناسب للمنطقة.

درجة رابعة: وهي المناطق التي بها مشاكل أمن حيازة. ويكون التعامل معها وفقًا لما تراه السلطة المحلية.

وقد بدأ العمل على رصد تلك المناطق على مستوى الجمهورية، وصدر تقرير سنوي. وقد أشار تقرير صندوق تطوير المناطق العشوائية لعام 2013، إلى احتواء محافظتي القاهرة والجيزة على 90 منطقة غير آمنة (درجة أولى 14 منطقة، درجة ثانية 65 منطقة، درجة ثالثة 10 مناطق ودرجة رابعة منطقة واحدة). وكملاحظة أولية، نجد أن الرصيد الأكبر من المناطق، مدرج تحت الدرجة الثانية، وهي الوحيدة التي يحتاج تقييمها إلى خبراء ومتخصصين ومنهجيات عمل معقدة، لعدم وضوح خطورة أساسات المباني لغير المتخصص.

وبمقابلة باحثي الصندوق أو باحثي محافظتي القاهرة والجيزة الذين قاموا بحصر مثلث ماسبيرو، تبين أنهم ليسوا بالضرورة متخصصين إنشائيين؛ وهو ما يُنتج حصرًا غير دقيق. فالصورة في الأسفل، توضح 4 مناطق أُدْرِجَت تحت الدرجة الثانية، ويتضح من الصورة أن المناطق والبيئات العمرانية بها تباين صريح، ويصعب أن تكون كلها مدرجة تحت درجة الخطورة نفسها.

شكل 2: نماذج من المناطق التي أُدرِجَت كمناطق خطرة، من الدرجة الثانية

 المصادر: مجموعة "مد" وصندوق تطوير المناطق العشوائية

والملاحظة الأخرى والخطيرة هي أن عدد المناطق المدرجة كمناطق خطرة من الدرجة الثانية تشكل 72٪ من المناطق الخطرة على مستوى القاهرة والجيزة، كما أن معظم تلك المناطق، تقع إما في قلب أحياء تاريخية، أو بجانب أحياء تاريخية.‬ وبما أن القانون يتيح إزالة تلك المناطق الخطرة، فسوف تفقد القاهرة أجزاء هامة من تاريخها؛ مما يهددها بفقدان طبيعتها التراثية.‬

فبالفعل، فقدت القاهرة حي مثلث ماسبيرو، الذي كان يعد جزءًا من القاهرة التاريخية (كما أدرجته منظمة اليونسكو).‬ وقد تم تعويض السكان بالاختيار من بين ثلاثة بدائل، إما مبالغ مالية، أو وحدات سكنية في مشروع الأسمرات، أو وحدات بديلة في نفس المنطقة بعد تطويرها.‬

وقد طلب حوالي 80٪ من السكان تعويضهم بالمبلغ المطروح، وهو 60 ألف جنيهٍ للأسرة.‬ واستثمر السكان تلك المبالغ في دفع مقدم إيجار قديم في مناطق لارسمية على أطراف القاهرة.‬ و فضّل حوالي 12٪ استلام شقق بديلة في مشروع الأسمرات.‬ أما النسبة الباقية، وهي 8٪، فقد أصروا على الرجوع للمنطقة بعد تطويرها (المصدر: رابطة سكان ماسبيرو للدفاع عن الأرض والسكن).‬ وبما أنه لا توجد أي اشتراطات في التعامل مع الوحدات بعد تطوير المنطقة، فمن المتوقع أن تُباع الوحدات الجديدة، للاستفادة من القيمة العقارية الجديدة، بعد التطوير.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

شكل 3‬: مثلث ماسبيرو، قبل الإزالة وبعدها‬‬‬‬‬

 المصدر: جوجل إيرث لعامي 2015 و 2018

وتُجَهَّز مناطق أخرى، لتلقى مصير مثلث ماسبيرو، كحي عرب اليسار.‬ وهو حي أدرجته منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي في القاهرة التاريخية، وقد هُدِمَت بعض أجزائه بالفعل، وتم تعويض السكان بمبالغ مالية، أو بوحدات سكنية في مشروع الأسمرات،

وكذلك جزيرة الوراق، التي تواجه تعنت الدولة وإصرارها على هدم أجزاء من الجزيرة. فهناك أزمة ثقة بين السكان والدولة، حيث يرى السكان أن تدخلات الدولة هي وسيلة لتجهيز المنطقة لتلقى مصير مثلث ماسبيرو، وتتحول إلى مجموعة مشاريع لاستثمارات خليجية.‬

وأيضًا شهدت منطقة نزلة السمان محاولة للتدخل لإزالة أجزاء من الحي؛ مما أدى إلى صدام مع الأهالي، أدى إلى وقوع إصابات وإلقاء القبض على عدد من سكان الحي.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

‬‬‬‬‬الختام

استفاد مخطط "القاهرة 2050" من القرار الرئاسي الذي صدر عام 2017، لبدء مشروع "مصر بدون عشوائيات 2019" الذي استهدف إعادة تسكين كل المناطق التي سجلها صندوق تطوير مناطق العشوائيات، كمناطق غير آمنة من الدرجتين الأولى والثانية. وكما ورد سابقًا، تضم القاهرة 90 منطقة مدرجة على أنها غير آمنة من الدرجتين الأولى والثانية، وتحتوي جمهورية مصر العربية على حوالي 320 منطقة مدرجة على أنها غير آمنة من الدرجتين الأولى والثانية. (تقارير صندوق تطوير العشوائيات للقاهرة والجيزة لعام 2014). وقد وصل عام 2019 إلى قرب منتصفه، ولم يحدث التدخل بشكل موسع لإزالة تلك المناطق المسجلة على أنها خطرة؛ مما يثير قلقًا أكبر لعدم توفر الوقت الكافي للدولة للتفاوض على طرق الإخلاء مع السكان، لتنفيذ الإخلاء بأقل خسائر.‬

ولكن يظل القلق الأكبر، بالإضافة إلى فقدان مجموعات كبيرة من السكان لأحيائهم التي ظلوا فيها لعقود، دون أي تدخل من الدولة حينها، وبالإضافة إلى فقدان القاهرة لمناطق تشكل طابعها التاريخي، يبقى الخطر هو ما سوف يُنَفذ بالنسبة للجانب السكاني والتاريخي. فالمشاريع المقترحة لأحياء قلب القاهرة، معظمها يستهدف إنشاء مشاريع استثمارية ومراكز مال وأعمال. وذلك يؤدي إلى نزاع استراتيجي بين رؤية العاصمة الإدارية الجديدة، ورؤية تنمية قلب القاهرة، حيث إن الدولة ستطرح حينها منطقتين متنافستين على نفس الهدف؛ مما قد يضعف التوجهين. فأين يجب أن يوجه المستثمرون استثماراتهم في مصر؟ في العاصمة الإدارية الجديدة أم في قلب القاهرة التجاري؟ قد تكون الصورة متشائمة بالنسبة لمستقبل القاهرة، أو ربما تُصوَّر القاهرة كموقع لتصوير أفلام ما بعد نهاية العالم. لكن قد تبدأ الدولة في العمل على تبني استراتيجيات احتواء وعدالة اجتماعية تجعل صورة المستقبل أكثر تفاؤلًا. ولكن الخطى الحالية غير مبشرة، ويجب إعادة تقييمها قبل فوات الأوان.‬


المراجع

 

  • Petti, A. (2008). Post-It City Project. CCCB and Direcció de Comunicació de la Diputació de Barcelona

  • Sims, D. (2019, March 31). Alternative Policy Solutions Public Lecture: The Distorting Luxury of Infinite Space: Egypt’s New Capital, New Cities, and New Industrial Areas. American University in Cairo.

  • Madd Platform. (2015). Maspero Parallel Participatory Project. Friedrich Ebert Foundation. Retrieved from https://issuu.com/maddplatform/docs/maspero_parallel_participatory_proj.

الآراء ووجهات النظر المقدمة من الكتاب خاصة بهم ولا تعكس آراء ومواقف الجامعة الأمريكية بالقاهرة أو مشروع حلول للسياسات البديلة