التغير المناخي مش حاجة هتحصل في المستقبل أو في أماكن بعيدة عننا. التغير المناخي مشكلة بيئية عايشينها بالفعل وبتأثر على حياتنا اليومية وعلى صحتنا وقدرتنا على مواجهة الأمراض وعلى النمو الاقتصادي، ﻷن انبعاثات الغاز من المصانع ووسائل النقل وغيرها بتسبب احتباس حراري وبتأثر على صحة الناس، اللي بالتالي بتأثر على إنتاجيتهم وقدرتهم على الشغل، وكل دة بيأثر على الاقتصاد.
التغير المناخي هو تغير طويل المدى في أنماط الطقس، وله آثار سلبية على الهوا اللي بنتنفسه ومياه الشرب والزراعة وبيسبب كوارث طبيعية زي الفيضانات والأعاصير.

التغير المناخي له تأثير مباشر على الحق في الحياة. حسب توقعات منظمة الصحة العالمية، التغير المناخي هيتسبب في ربع مليون وفاة إضافية سنويًا بين 2030 و2050 بسبب تعرض كبار السن للحرارة، والأمراض الصدرية الناتجة عن تلوث الهواء والملاريا ونقص التغذية عند الأطفال.
عشان كدة الأمم المتحدة حددت يوم 5 يونيو كل سنة لليوم العالمي للبيئة، لرفع الوعي العالمي وتشجيع السياسات العامة اللي بتستهدف حماية البيئة والحد من انبعاثات الغاز.

إزاي التغير_المناخي بيأثر على صحة الناس؟ الوفيات في مصر زادت بنسبة 34% من 1999 إلى 2017 بسبب تلوث الهواء.

في سنة 2017، 52% من وفيات المصريين كانت بسبب أمراض متعلقة بتلوث الهواء بجسيمات PM2.5 الضارة بالصحة، زي أمراض الانسداد الرئوي وسرطان الرئة والتهابات الجهاز التنفسي.

جسيمات PM2.5 مسؤولة عن خفض أعمار المصريين بمقدار 1.85 سنة.

إيه علاقة التغير_المناخي بالاقتصاد؟ تدهور الأحوال الصحية للمواطنين بسبب التلوث كلف الحكومة المصرية 2.5% من الناتج المحلي في العام المالي 2016-2017، زائد إنه من المتوقع انخفاض إنتاجية العمال المصريين في قطاعات زي الزراعة والصناعة بنسبة 6% كل سنة بسبب الإجهاد الحراري. لو استمرينا على كدة، متوسط الدخل العالمي ممكن يقل بنسبة 23% بحلول عام 2100.

الصورة العامة بتقول إن مصر بتتقدم في اتجاه تحقيق الأهداف الدولية لحماية المناخ. السنة دي، مصر تقدمت 4 مراتب في مؤشر أداء التغير_المناخي (Climate Change Performance Index, CCPI)، وهو أداة مستقلة لمراقبة أداء الدول في حماية البيئة. المؤشر بيقيس أداء الدول في مجالات انبعاثات الغازات الدفيئة، والطاقة المتجددة، واستخدام الطاقة، والسياسات العامة لحماية المناخ.
مصر كمان تقدمت من المرتبة 104 للمرتبة 66 على مؤشر الأداء البيئي (Environmental Performance Index) التابع لجامعة ييل (Yale) الأمريكية في 2018. المؤشر دة بيقيم السياسات المتعلقة بالصحة البيئية وحيوية النظام الإيكولوجي، اللي بيتعرض لمخاطر بسبب الصناعة والتوسع العمراني.

بعض المؤشرات بتقول إن أداء مصر البيئي لسة ضعيف جدا. مؤشر تلوث الهواء مثلا بيقول إن القاهرة في المستوى الثاني في العالم (بعد دول منها الصين والهند) من حيث تلوث الهواء بجسيمات PM10 الضارة جدا بالصحة. وسكان القاهرة بيتنفسوا جسيمات PM2.5 شديدة الخطورة بنسبة تتجاوز المستوى الآمن بـ11.7 مرة.
مصر كمان من أكثر الدول من حيث انبعاثات غازات الدفيئة، وفقًا لمؤشر أداء تغير المناخ، ومن الدول المتأخرة جدا في استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، في مقابل استهلاك عالي للطاقة غير النظيفة.

انبعاثات غازات الدفيئة، اللي بتسبب التغير_المناخي، زادت في مصر بنسبة 31% من سنة 2005 لـ2015. طيب إيه سبب الانبعاثات دي؟ فيه قطاعات معينة بتسبب انبعاثات أكتر من غيرها. القطاع اللي له أكبر مساهمة على الإطلاق في انبعاثات الغاز في مصر هو استهلاك الطاقة، اللي بتُستخدم في النقل والتصنيع وإنتاج الكهرباء. بعده بمسافة قطاع الزراعة؛ الأنشطة الزراعية بتسبب كمية كبيرة من الانبعاثات، ومنها حرق قش الأرز والتسميد والتخمير المعوي. أما النفايات، وخاصة النفايات الصلبة، بيتم التخلص منها إما عن طريق الحرق المفتوح ودة بيسبب انبعاثات هائلة أو بتتساب بلا معالجة، ودة بيساهم في تلوث الهواء.

يهيمن قطاع الطاقة على ملف غازات الدفيئة في مصر، نتيجة التحضر ونمو الإنتاج الصناعي والاعتماد على وسائل النقل وتوليد الكهرباء. الأنشطة المنزلية والصناعية مثلًا بتستهلك 70% من الطاقة في مصر. وفي 2018 وزارة البيئة قالت إن أكبر مساهم في الانبعاثات هو الوقود الغازي، المُستخدم في النقل والصناعات المستهلكة للطاقة.
مصر لسة بتعتمد على الطاقة غير النظيفة بنسبة عالية جدًا، بتوصل لـ92% مقابل 8% للطاقة المتجددة. ومن المتوقع استمرار الاعتماد الشديد على المواد الهيدروكربونية مع استمرار التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

كلنا عارفين إن الصناعة لها أضرار على البيئة. لكن مين اللي بيدفع تمن الضرر دة؟ تكلفة الأثر البيئي للصناعة تُقدّر بـ3.4% إلى 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا.
صناعة الأسمنت مسؤولة لوحدها عن حوالي 65% من انبعاثات غازات الدفيئة الملوثة للهواء من قطاع الصناعة. دة غير إنها بتستهلك كمية ضخمة من الطاقة. وصناعات زي الجير وتكرير البترول كمان بتساهم بكثرة في الانبعاثات المُسببة لـ تغير_المناخ

تنتج المدن المصرية 15 ألف طن على الأقل من النفايات الصلبة كل يوم، وأكثر من نصفهم نفايات عضوية ومخلفات الغذاء، وبعدهم بييجي الورق ثم البلاستيك. دة بيسبب ضغط هائل على البنية التحتية، وبيأدي لصعوبة معالجة النفايات دي.

%40 من النفايات الصلبة في مصر بيتم إلقاءها في شوارع المدينة أو في أماكن غير قانونية. عدم كفاءة إدارة النفايات وتراكمها بيسبب انبعاثات جوية ملوثة للبيئة وبتعمل احتباس حراري، والآثار الصحية والبيئية السلبية لدة بتكلف الدولة ما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

الزراعة من الأنشطة البشرية الرئيسية، لكن هل هي كمان لها أضرار على البيئة؟ بعض الأنشطة الزراعية بينتج عنها كمية كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة، زي التخمر المعوي وانبعاث غاز الميثان من الحيوانات والماشية، وزي صناعة السماد، وترك الروث لتخصيب التربة.
في مصر، حرق قش الأرز من أهم مصادر غازات الدفيئة، ومسؤول لوحده عن حوالي 42% من الانبعاثات من قطاع الزراعة، وحجم انبعاثات الغاز اللي بيسببها بتزيد 10 أضعاف كل سنة.
ودة بجانب استهلاك الطاقة عن طريق المعدات الزراعية زي الجرارات وآلات الحصاد ومضخات المياه.

الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء مش بس أنظف للبيئة، دة ضمان لأمان الطاقة في مصر لأنها مصادر لا تنفذ وتكاليفها في انخفاض مستمر. بالإضافة لكدة الطاقة المتجددة لها فوائد اقتصادية زي خلق فرص عمل في إنشاء وصيانة وتشغيل المحطات. الطاقة المتجددة كمان هتساعد على إمداد حتى المناطق النائية بالكهرباء، لأن وحدات إنتاجها ممكن تتبني في نفس مكان الاستهلاك وممكن تتبني في أي مكان فيه الموارد المتجددة، اللي موجودة في مصر بكثرة.

استخدام الطاقة_المتجددة في توليد الكهرباء ممكن يساهم بشكل كبير في خلق فرص_عمل مستدامة وذات قيمة. الصين لوحدها فيها 3.6 مليون وظيفة في مجال الطاقة المتجددة أما دولة جنوب أفريقيا عندها 62,000 وظيفة، ودة أعلى رقم في القارة.
النسبة الأكبر من الوظائف في مجال الطاقة المتجددة بتكون لعمال المصانع والفنيين، إلى جانب الوظائف الإدارية والمالية والقانونية والهندسية وفي البحث العلمي. الوكالة الدولية للطاقة المتجددة قالت في تقرير سنة 2018 إن في مصر، كل محطة طاقة شمسية تعمل بـ50 ميجاوات ممكن تخلق 229,000 فرصة عمل جديدة، وكل محطة رياح ممكن تخلق 144,000 فرصة.

لأن توليد الكهرباء من الطاقة_المتجددة زي الشمس والرياح مابقاش مكلف، دول كتير منخفضة الدخل قدرت تزود الاعتماد عليها وبالتالي إنتاج كهرباء أكتر بتكلفة اقتصادية وبيئية أقل. في قارة أفريقيا تم توليد أكثر من 820 ميجاوات من خلال مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية وأنظمة منزلية وشبكات صغيرة، فارتفع عدد السكان اللي بيوصلهم كهرباء من 2 مليون لأكتر من 53 مليون في 5 سنوات. من الدول دي مالي، اللي أنشئت شبكات كهروضوئية لا مركزية في 32 قرية فقيرة والسنغال اللي وصلت طاقة نظيفة لعدد كبير من المدارس والمنازل والمستشفيات استفاد بيها أكتر من 90,000 شخص.

رؤية مصر 2030 بتستهدف ان الطاقة المتجددة والبديلة تساهم في إنتاج الكهرباء بنسبة 20% بحلول سنة 2022، وبنسبة 42% في 2035. لكن لحد سنة 2018، 8% بس من الكهرباء كان مصدرها الطاقة المتجددة، ودة رغم ثروات مصر الضخمة من الشمس والرياح.
التحول لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة أصبح ضروري لخفض انبعاثات الغاز الناتجة عن حرق الوقود ولتجنب استخدام الفحم المعروف بأضراره الصحية والبيئية، وكمان لرفع المعاناة عن القطاعات المتضررة برفع أسعار الكهرباء.

الضرائب البيئية، أو الضرائب الخضراء، هي ضرائب تُفرض على الأنشطة اللي بتلوث البيئة، للحد منها ولتوفير الموارد اللازمة لمعالجة البيئة وتمويل إنتاج الطاقة المتجددة، على أساس مبدأ "اللي يلوث.. يدفع". الضرائب دي ممكن تتفرض على استيراد السيارات اللي بتشتغل بالديزل، أو على الصناعات اللي بتسبب كميات كبيرة من انبعاثات الغازات أو بتستهلك الطاقة بشدة أو بتسيب مخلفات كتير.
التجارب الدولية أثبتت علاقة مباشرة بين الضرائب دي والحد من التلوث والأضرار الصحية والبيئية الناتجة عنه ومكنت دول كتير من التوسع في الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة.

أدى فرض الضرائب البيئية بأنواعها في عدد من الدول لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا بنسبة 23% وانخفاض الوفيات الناتجة عن التلوث بنسبة 63%. ومن عوامل نجاح تلك السياسات الضريبية استخدام إيراداتها لأغراض تنموية، زي مشروعات الطاقة النظيفة أو التكيف المناخي.

تشيلي مثلًا طبقت ضريبة الكربون بشكل تدريجي على الصناعات الملوثة للبيئة بهدف تخفيف الانبعاثات بنسبة 42% وأعلنت إن الإيرادات الضريبية هدفها إمداد التعليم بموارد إضافية، ودة خلّى الضريبة مقبولة شعبيًا.

Read Also