في ندوة بعنوان "مفهوم الفقر وقياسه في البلدان العربية: مراجعة نقدية"، استضاف مشروع حلول للسياسات البديلة بالجامعة الأمريكية في القاهرة أديب نعمة، الخبير الاقتصادي اللبناني والمستشار في التنمية والسياسات الاجتماعية ومكافحة الفقر، ووائل جمال، الباحث الاقتصادي المصري والصحفي البارز.

عُقدت الندوة الأحد 8 مارس 2020، بمقر الجامعة الأمريكية في التحرير، وأدار النقاش د. سامر عطا الله، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية في القاهرة ورئيس وحدة الأبحاث في حلول للسياسات البديلة.

ناقش المتحدثان مفهوم الفقر وتعريفه، وكيف تحدد الحكومات من هم الفقراء، في ضوء الارتفاع الكبير في معدلات الفقر واللامساواة في بعض الدول العربية، وقدما تحليلًا نقديًا لتقارير قياس الفقر، مثل أبحاث الدخل والإنفاق ودليل الفقر العربي. كما تقدما بتوصيات لطرق أكثر كفاءة وعدالة لقياس الفقر وسياسات اجتماعية تضمن المزيد من المساواة بين جميع أفراد المجتمع.

في مداخلته قال نعمة إن معظم تقارير الفقر العربية يشوبها عدم الاتساق. فدليل الفقر العربي، على سبيل المثال، في قياسه للفقر متعدد الأبعاد، يشترط مستوى تعليم يتعدى متوسط التعليم في الدول المتقدمة، ما يعني عدم استيفاء الفرد لشروط الفقر، في حين أن مستوى معيشته، من حيث الحصول على الخدمات الأساسية من بنية تحتية وصرف صحي وكهرباء، متدني للغاية.

ويرى نعمة أن الاستهلاك (أو الإنفاق) ليس الطريقة الأمثل لقياس الفقر؛ لأن دخول ومعدلات إنفاق الفقراء غير ثابتة في الكثير من الأحوال. كما أن معدل الإنفاق قد يرتبط بالخضوع لأبعاد أخرى للفقر، مثل الحرمان من التعليم وتشغيل الأطفال أو العمالة غير الثابتة وغير الآمنة. ولفت إلى التباين الشديد بين نتائج تلك التقارير في البلد الواحدة باختلاف وسائل القياس.

شاهد التقرير المختصر:

واعتبر نعمة أن دراسات الفقر لم تشهد تحسنًا على مدى العقود الثلاثة الماضية، بل "ثمة مؤشرات كثيرة أن الدراسات السابقة احتوت على قدر أكبر من الاجتهاد الأصيل في قياس الفقر ودراسته انسجامًا مع الخصائص الوطنية. الوضع الحالي يتسم بهيمنة شبه كاملة للقياسات الدولية وغلبة التقليد وضعف الاجتهاد لابتكار ما هو أكثر ملاءمة لبلداننا، بل تفضيل خدمة التقارير والمقارنات الدولية".

وفي رده على سؤال د. سامر عطا الله، مدير الجلسة، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حول كيف ترى دراسات الفقر العربية المرأة في المجتمع وفي الاقتصاد، قال نعمة إن "أسلوب قياس الفقر الحالي غير حساس بالمرة تجاه دور المرأة في المجتمع وتجاه الأبعاد النوعية للفقر بين الرجال والنساء"، وأضاف "يجب أن تدرك قياسات الفقر احتياجات الأنواع الاجتماعية المختلفة داخل الأسرة الواحدة".

من جانبه لفت جمال إلى أن معدلات اللامساواة والحرمان شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في مصر في السنوات الأخيرة، وأضاف أن مصر ولبنان تقعان في قائمة أكثر عشر دول في العالم من حيث التفاوت في الثروة بين الأغنياء والفقراء.

وقال جمال إن "الـ1٪ الأكثر ثراء في مصر يحصلون على 19٪ من الدخل، بينما يحصل الـ50٪ الأفقر على 10٪ من الدخل".وبحسب جمال، فقد زاد عدد المصريين الذين يمتلكون ما يفوق ٣٠ مليون دولار من ٧٤٠ شخص عام ٢٠١٤ إلى ٧٦٤ عام ٢٠١٩، وُيتوقع أن يصل عددهم إلى ١٢٦٩ مصري في ٢٠٢٤، بثاني أعلى نسبة زيادة في العالم بعد الهند.

ومن المقترحات التي قدمها جمال بسياسات عامة تهدف للحد من اللامساواة هو "الدخل الأساسي المعمم"، وهو من المقترحات التي تم تداولها في الانتخابات الأخيرة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وبموجبه يحصل كل مواطن على دخل أساسي ثابت من الدولة، بلا شروط متعلقة بمستوى الدخل، يكفي لتلبية الحاجات الأساسية من الغذاء والسكن والرعاية الصحية.

وأضاف كذلك أنه من السياسات العامة الأخرى الممكن اتباعها لتحقيق المساواة بين المواطنين سياسة الخدمات الأساسية المُعممة؛ أي تلبية الحكومة لحاجات المواطنين الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم والانتقال، لحماية الفقراء ومنع دخول المزيد من الناس دائرة الفقر.

ورأى نعمة أن دراسات قياس الفقر، لتكون خطوة أولى لمحاربته، يجب أن تعتمد مقاربات كمية وكيفية متكاملة، تأخذ في اعتبارها أشكال الفقر المختلفة. وشدد على أهمية الابتكار في تصميم الإطارات الإحصائية لتشمل مختلف القرى والمدن والتجمعات السكانية وعدم الاقتصار على عينات الأسر على المستوى الوطني، وعلى أهمية مراعاة المعايير الدولية للحقوق الأساسية عند وضع اشتراطات الفقر.

شاهد المحاضرة بالكامل:

يمكنكم الاطلاع على العرض الكامل لأديب نعمة في هذا الرابط.
ولقراءة ورقتنا البحثية بعنوان "الدخل الأساسي الشامل: هل نتجه نحو عقد اجتماعي جديد؟"، اضغط هنا.
وتابعونا على فيسبوك، تويتر، ويوتيوب لمشاهدة الندوة بالكامل خلال أيام.

فعاليات