أعد الورقة الخلفية هذه فريق بحث حلول للسياسات البديلة، بقيادة الدكتور سامر عطا الله، أستاذ مشارك بقسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهبـة الله قرشي، الباحثة بالمشروع.
لتحميل الورقة الخلفية، برجاء الضغط على رابط "تحميل" أعلى الصفحة
&nbsp;مقدمة
رغـم احتـلال مصـر المرتبـة الخامسـة بيـن الـدول الإفريقيـة المنتجــة للبتــرول، بإنتــاج يومــي يصــل إلــى 588 ألــف برميـل، فإنهـا تعتبـر أكبـر مسـتهلكي البتـرول والغـاز فـي القـارة، وبالتالــي، يشــهد قطــاع الكهربــاء تحديـات لمواكبـة ارتفـاع الطلـب مـن المسـتخدمين، الـذي ســيصير واحدا مــن أعلى المعدلات ارتفاعًا فــي إفريقيا بحلــول منتصــف عــام 2020، ولهـذا تهـدف الدولـة إلـى زيـادة القـدرات عـن طريـق زيـادة الاعتماد علــى الطاقــات المتجــددة. ووفقًا للتعريــف الصادر عن إدارة معلومـات الطاقـة الأمريكيـة فإن الطاقــة المتجــددة هــي الطاقــة التــي يجــري توليدهــا مــن مصــدر يتجــدد بشــكل طبيعــي، أي أنه دائم بطبيعتــه، وتشــمل الكتلــة الحيوية والطاقــة الكهرومائية والطاقــة الحراريــة الأرضيــة والريــاح والطاقــة الشمســية.
هنــاك ثلاثــة أســباب رئيســية ومترابطــة تدفع الحكومات إلـى تبنـي الطاقـة المتجـددة، وهـي: تحسـين أمـن الطاقـة، تشــجيع التنميــة الاقتصاديــة (خصوصا المرتبطــة بالمناطــق الريفيــة، والمرتبطــة أيضــا بالابتــكار وتصنيــع التكنولوجيــا الفائقة) وأخيرًا حمايـة المنـاخ والبيئـة من تأثيرات اسـتخدام الوقود الأحفــوري. ففـي ظـل التطـورات التكنولوجيـة والانخفـاض الملحـوظ فـي تكاليـف الطاقـة الشمسـية العالميـة خـلال الفتـرة الماضيـة، أصبحـت الطاقـة المتجـددة أكثـر ندية لمصـادر توليـد الطاقـة التقليديـة. انخفـض متوسـط سـعر الألـواح الفوتوفولتيـة عالميًا بنسـبة 80% خـلال خمسـة أعـوام، مـا بيـن 2009 و2015. وانخفـض كذلـك متوسـط سـعر توربينـات الريـاح بنسـبة 33% فــي الفتــرة نفســها. وقــد شــهد عــام 2016 العديــد مــن المناقصـات التـي أنتجـت صفقـات لتوليـد الطاقـة بتكنولوجيـا الألـواح الفوتوفولتيـة بأسـعار أقـل بنسـبة 50% مـن الكهربـاء الناتجة من الفحم.
لاسـتخدام الطاقـة المتجـددة كثيـر مـن الفوائـد المحتملـة، مثـل توليـد طاقـة مـن مصـدر آمـن وموثـوق وخال مـن التلوث، بالإضافـة إلـى خلـق فـرص عمل. فمثلا، بالنسـبة إلـى الفوائد المنعكسـة علـى العمالـة، يحفـز التطويـر فـي&nbsp; قطـاع الطاقـة المتجـددة التوظيـف فـي مختلـف أنشـطة التصنيـع، والبحـث العلمـي، وتطويـر المكونـات التكنولوجيـة للطاقـة المتجـددة. وتتطلــب هــذه القطاعــات مجموعــة متنوعــة مــن المهــارات التـي تتنـوع بيـن الصيانـة والوظائـف المتخصصـة. فبحلـول عـام 2016، كان قطـاع الطاقـة المتجـددة قـد وفـر نحـو 10 ملاييـن فرصـة عمـل علـى مسـتوى العالم باعتبــاره قطاعًا كثيــف العمالة، وتركــزت 62% مــن إجمالــي العمالــة فــي آســيا وحدهــا.
ومـن ناحيـة أخـرى، يعتبـر تصنيـع المكونـات محليًا محفزًا آخر لتوفيـر مزيـد مـن الوظائـف. سـيتطلب ذلـك نقـل للمهــارات والتكنولوجيــا مــن المســتثمرين الأجانــب، لكنــه قـد يكـون بمثابـة اسـتراتيجية حكوميـة ناجحـة وطويلـة الأمـد. بالإضافـة إلـى مزايـا خلـق فـرص عمـل، فــإن نشــر الطاقــة المتجــددة يحــرر كذلك ميزانيــة الحكومــة مـن عـبء دعـم الطاقـة، الـذي يمكـن إعـادة توجيهـه إلـى استخدامات بديلة. وأخيـرًا يمكن لمحطـات الطاقـة المتجـددة المنفصلـة عـن الشـبكة القوميـة أن تسهم فــي رفــع مســتويات معيشــة ســكان المناطــق النائيــة، عــن طريــق إمدادهــم بالطاقــة اللازمــة مــن مصــدر آمـن بأسـعار مناسـبة.
بناءً على التقرير الصادر&nbsp;عـن الوكالـة الدوليـة للطاقـة المتجددة عام 2018، تمتلــك مصــر علــى وجــه الخصــوص إمكانــات واســعة لاســتغلال الطاقــة المتجـددة، فهـي واحـدة مـن عـدد قليـل مـن البلـدان التـي تتمتـع بقـدرة توليـد الطاقـة المتجـددة مـن جميـع المصـادر: الطاقـة المائيـة والريـاح والطاقـة الشمسـية والكتلـة الحيويـة، بالإضافــة إلــى أن المناطــق الصحراويــة الشاســعة تجعلهــا مناسبة تمامًا لتنميــة مشــروعات الطاقــة المتجــددة. تتوفــر لمصـر إمكانـات رائعـة أيضـا لتوليـد طاقـة الريـاح، ويتضـح ذلـك مـن سـرعات الريـاح العاليـة علـى طـول سـواحل البحـر الأحمــر، وعلــى امتــداد نهــر النيــل فــي المنطقــة الجنوبية الغربيـة وفـي جنـوب الصحـراء الغربيـة. إمكانـات طاقـة الكتلـة الحيويـة واضحـة كذلـك، إذ يتوفـر أكثـر مـن 30 مليـون طـن مــن النفايــات الصلبــة لتوليــد الطاقــة مــن الكتلــة الحيويــة. وبــرزت الحكومــة المصريــة كواحــدة مــن بيــن العديــد مــن الـدول الناميـة التـي شـهدت زيـادة ملحوظـة فـي تطويـر الطاقـة المتجـددة عـام 2017، حيـن بلغـت الاسـتثمارات فـي هـذا القطـاع أكثـر مـن 5.2 مليـار دولار. وفـي نفـس الصـدد، يتوقـع تقريـر الوكالـة الدوليــة للطاقــة المتجــددة أن مصــر ســتكون قـادرة علـى توليـد 53% مـن طاقتهـا الكهربائيـة مـن المصـادر المتجــددة بحلــول عــام 2030، وهــذا الهـدف أعلـى وأكثـر طموحـًا ممـا تنـص عليـه الاسـتراتيجية الحالية التي تخصص 42% من إجمالي الطاقة المنتَجة للطاقــات المتجــددة، علــى أن يتحقــق هــذا بحلــول عــام 2035.
ووفقــا لدراســة أجريــت علــى ســوق الكهربــاء المصــري فــي 2012، تعتبــر مصــر واحــدة مــن الــدول التــي لديها إمكانــات واســعة لتوليــد الطاقــة الشمســية. اســتغلال هــذه الإمكانــات ضــروري للتنميــة الاقتصاديــة المســتدامة، ويقلـل مـن الاعتمـاد علـى الوقـود الأحفـوري. وتتمتـع مصـر بإشـعاع شمسـي مباشـر ومرتفـع يتـراوح بيـن 1970 و2600 كيلوواط/ســاعة/متر مكعــب، ويســتمر لمــدة 10 ســاعات يوميًا، مـا يجعلهـا غنيـة بالقـدرة العاليـة علـى توليـد الطاقـة الشمسـية. وتقـدر الدراسـات أن الطاقـة الكامنـة يمكـن أن تكـون حوالي 74 مليـار م. و. س./سـنويًا، وهو أضعاف المســتوى الحالــي لإ نتــاج الكهربــاء.
يمكـن أن يـؤدي اسـتغلال هـذه الطاقـة الشمسـية إلى توليـد طاقــة حراريــة لأغــراض التدفئــة توليــد الكهربــاء. ويمكــن توجيــه وفــرة ضــوء الشــمس إلـى الطاقـة المتجـددة مـن خـلال ثـلاث فئـات تكنولوجيـة رئيســية هــي: الخلايــا الكهروضوئيــة، والطاقــة الشمســية المركــزة، والتســخين، والتدفئــة بالطاقــة الشمســية.
ونظرًا لقــدرة مصــر العاليــة علــى توليــد واســتغلال الطاقــة الشمســية، تركــز هــذه الورقــة علــى وضــع إطــار للطاقــة الشمسـية كبديـل فعـال وآمـن للطاقـة الكهربائيـة، خصوصًا فـي ظـل عوامـل انخفـاض أسـعار الطاقـة الشمسـية وارتفـاع أســعار الكهربــاء بعــد الرفــع التدريجــي لدعــم الطاقــة. تستعرض الورقة حجــم الإمكانــات التــي تمتلكها مصــر فــي مجــال توليــد الطاقــة الشمســية، ثــم يأتي تباعًا تحليـل دور اسـتراتيجية الطاقـة الحاليـة فـي تشـجيع الإ نتـاج والاسـتثمار فـي هـذا المجـال. مـن الضـروري أيضـا عـرض السياســات المتبعــة لتشــجيع الطاقــة الشمســية وتحليلهــا، وكذلـك التحديـات التـي قـد تعرقـل نجـاح تلـك السياسـات.
وتنتهي الورقة بعـرض بسـيط للسياسـات التـي جـرى اتباعهـا فـي البلـدان الناميـة، تحديـدًا فـي الهنـد والصيـن، وتناول التوصيــات التي مــن المهــم تفعيلهــا فــي البلــدان الناميـة لتحقيـق توسـع أكبـر فـي اسـتخدام الطاقـة الشمسـية.

أبحاث

Papers

العدالة المناخية

Read Also