مقدمة

في ظل ظروف استثنائية على الصعيد الإقليمي والعالمي، ومع توجه وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري (2024-2030) نحو تعزيز التعاون الدولي والشراكات الاستراتيجية لمصلحة الشعوب، انطلقت في القاهرة في 17 مارس 2024، فعاليات القمة المصرية الأوروبية التي تم الإعلان من خلالها عن حزمة مساعدات مالية لمصر مثلت دعمًا للاقتصاد في مسيرته نحو الإصلاح، ووسط حاجة أوروبا إلى الحد من الضغوط الاقتصادية والصراعات والفوضى الدافعة إلى مزيد من المهاجرين إلى شواطئها.

ومن هذا المنطلق، تستهدف تلك المقالة التعرف على طبيعة العلاقات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، مع التركيز في دوافع التقارب الأخير، وطبيعة المصالح المشتركة للجانبين.

أولًا - ملامح العلاقات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي:

شهدت العلاقات المصرية الأوروبية منذ 2014، تطورًا على المستويات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية في عدة مجالات، منها:

التجارة: يعد الاتحاد الأوروبي أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، وتستحوذ دوله على نحو 25٪ من إجمالي حجم التبادل التجاري مع مصر، إذ اتجهت التجارة الثنائية بينهما نحو التزايد منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز النفاذ منذ عام 2010، ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سجل حجم التبادل التجاري بينهما نحو 31.2 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 38.6 مليار دولار عام 2022 بنسبة انخفاض قدرهــا 19.2%، مع انخفاض قيمة الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي لتسجل 11.8 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 17.3 مليار دولار خلال عام 2022 أي بنسبة انخفاض قدرها 31.8%، وجـاءت إيطاليا على رأس قائمة دول الاتحاد الأوروبي من حيث الصادرات المصرية خلال عام 2023، تليها إسبانيا، ثم اليونان. وأهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي في 2023، كانت: الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها، بقيمة 2.9 مليار دولار، وحديد وصلب-فولاذ بقيمة 1.2 مليار دولار (CAPMAS, 2023).
الاستثمارات: يعتبر الاتحاد الأوروبي أحد أهم المستثمرين الرئيسيين في مصر، إذ تمثل مصر ثاني أكبر متلقٍّ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم حوالي 8.38 مليار يورو بما يمثل حوالي 39٪ من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر (European Union, 2021)، وارتفع الاستثمار الأوروبي الوافد إلى الاقتصاد المصري من 812.9 مليون دولار للفترة (2002-2003) إلى 6.7 مليار دولار للفترة (2021-2022) بنسبة نمو تبلغ 720% (Ahmed Biomy, 2023). بينما بلغت استثمارات دول الاتحاد الأوروبي في مصر 8.2 مليار دولار خلال العام المالي (2022 - 2023).
تحويلات العاملين: سجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين بدول الاتحاد الأوروبي 652 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023 مقابل 828.2 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022 بنسبة انخفاض قدرها 21.3%, وجاءت ألمانيا على رأس دول الاتحاد الأوروبي في تحويلات المصريين العاملين بها خلال العام المالي 2022/2023، حيث بلغت قيمتها 129.8 مليون دولار(CAPMAS, 2023).

كما حصلت مصر على منح لمساعدة الاقتصاد تبلغ 670 مليون يورو. وقد بلغ إجمالي حجم الدعم الأوروبي لمصر أكثر من 11 مليار يورو في شكل منح و قروض ومبادلات ديون. وقام الاتحاد الأوروبي بتمويل مشروعات في مصر بقيمة 500 مليون يورو خلال الفترة 2021/2017 في العديد من القطاعات (SIS,2022).

ثانيًا - التعاون الاقتصادي في إطار القمة المصرية الأوروبية:

انطلقت أعمال القمة المصرية الأوروبية في 17 مارس 2024، ونتج منها توقيع الجانبين وثيقة للشراكة لإطلاق مسار ترفيع العلاقات بين الطرفين إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية والشاملة". ويقصد هنا بترفيع العلاقات المضي بها إلى مستوى أعلى من التعاون والتنسيق والشراكة القائمة على تحقيق المصالح الحقيقية المشتركة للجانبين على المدى القصير والمتوسط والطويل، كذلك الشراكة الشاملة لمختلف مجالات السياسة والاقتصاد، مثل دعم التجارة والاستثمار في التعليم والثقافة والشباب، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وملف الهجرة والأمن ومكافحة الإرهاب.

وقد أعلن الاتحاد الأوروبي خلال القمة عن حزمة مالية لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو (8.06 مليار دولار) على مدى أربعة أعوام (2024-2027)، وحسب الخطة فإن التمويل المقترح يشمل قروضًا ميسرة حجمها خمسة مليارات يورو يقدم منها مليار يورو في 2024، بالإضافة إلى استثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو فى قطاعات البنية التحتية، والرقمنة، والأمن الغذائي والإنتاج الزراعي واستصلاح الأراضي، والطاقة النظيفة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، كذلك القطاع الصناعي والتكنولوجي. كما سيقدم الاتحاد منحًا قدرها 600 مليون يورو من بينها 200 مليون يورو لمواجهة مشكلات الهجرة غير الشرعية (The European Commission, 2024).

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشراكة المصرية الأوروبية لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبق وتم توقيع اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية في يونيو2001، ودخولها حيز النفاذ في عام 2004، والتي تهدف إلى تطوير العلاقات بين الجانبين في المجال التجاري بشكل خاص من خلال إقامة منطقة تجارة حرة، ومجالات وضع آليات الحوار السياسي والاقتصادي وبرامج الدعم الفني والمالي بشكل عام. وفى يونيو 2022، تم اعتماد وثيقة أولويات الشراكة التي توجه التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي حتى عام 2027، ومنها انبثقت ملامح الشراكة الأخيرة. ولم تكن الشراكة المصرية الأوروبية في مارس 2024 سوى استكمال لخطوات سابقة من التعاون والشراكة، ولكن بشكل أكثر شمولًا وعمقًا كالجانب السياسي المتعلق بالاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والجانب الأمني المتعلق بقضايا الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، والجانب الاقتصادي المتعلق بتمويل قطاعات استثمارية تم تحديدها بما يخدم أهداف وتطلعات مصر التنموية في مجال الاستثمار، وبما يتناسب مع إمكانات وخبرة دول الاتحاد الأوروبي في القطاعات المذكورة، خاصة أن من بينها ما لم يكن محط اهتمام أوروبي كبير خلال السنوات السابقة كوجهة استثمارية في مصر مثل كفاءة الطاقة المتجددة والرقمنة.

ثالثًا - أوجه الاستفادة والمصالح للجانبين المصري والأوروبي:

مصالح الجانب الأوروبي:

ملف الهجرة غير الشرعية: تزايد أعداد المهاجرين بشكل غير شرعي إلى أوروبا ليبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2016، وبزيادة بلغت نحو 64% في عام 2023 عمَّا كانت عليه عام 2021. إذ تم تسجيل 330 ألف دخول غير نظامي إلى أوروبا لعام 2023 فقط، حيث دخل نحو 45% إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق البلقان. وجاء العبور من البحر المتوسط في المرتبة الثانية للاتحاد الأوروبى (European Union Agency for Asylum "EUAA", 2023). وفي عام 2023، تلقى الاتحاد الأوروبي أكثر من 1.1 مليون طلب لجوء، بزيادة قدرها 18٪ مقارنة بعام 2022 (European Union Agency for Asylum "EUAA",2023). كما سجلت أوروبا ما يقرب من 200 ألف عبور غير قانوني من إفريقيا على حدود دولها، وهو ارتفاع بنسبة 57% مقارنة بعام 2020 وزيادة بنسبة 38% مقارنة بعام 2022 (International Center For Migration Policy Development, 2022). ومصدر تلك الهجرة بشكل رئيسي كل من ليبيا وتونس وساحل العاج ومصر وغينيا (African News, 2023). وكانت الهجرة غير النظامية مدفوعة من الأساس بتداعيات "الأزمتين المزدوجتين" المتمثلتين في وباء كورونا، ثم الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعد ذلك أضيف إليها تداعيات الوضع في السودان وغزة (Matteo Villa and Alissa, 2023).

شكل رقم (1) : تطور أعداد الهجرة النظامية وغير النظامية إلى الاتحاد الأوروبى خلال الفترة (2013-2022)

Source: The European Commission , Statistics on migration to Europe, 2023 , available at: https://shorturl.at/fkPX7

ومن هذا المنطلق، فإن المصلحة الاستراتيجية تملي على الاتحاد الأوروبي دعم استقرار الدول المجاورة وأمنها، لذا اعتمد سياسة أسماها سياسة الجوار الأوروبية لمواجهة مشكلة الهجرة غير الشرعية التي تعانى منها البلاد الأوروبية بشكل كبير، وسبق وعمل الاتحاد عليها قبل الاتفاق مع مصر مع دول مثل تونس وتركيا. فما زالت أوروبا تسعى إلى مساعدة الدول التي تمثل مصدرًا أو معبرًا لهذا النزوح لمنع الهجرة عبر البحر المتوسط إلى الحدود الأوروبية، وهناك تخوف من تزايد أعداد النازحين إلى مصر البلد العربي الأكبر ديموغرافيًّا والثالث سكانيًّا في إفريقيا، والتي تستضيف بالفعل أكثر من 9 ملايين مهاجر على أراضيها من بينهم أربعة ملايين سوداني و1.5 مليون سوري، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة (UN (Refugee Agency, 2024، كذلك الهجرة من مصر إلى ليبيا، ثم من لبيبا إلى أوروبا، والنازحين السودانيين الذين يتجهون إلى مصر ثم منها إلى دول أوروبية. وكل ذلك يعنى ضرورة العمل على مساندة مصر وسط ما يحدث في غزة والسودان واليمن وليبيا ودول أخرى بالمنطقة. كما سبق وأطلق الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية المشتركة (2017 -2021)، وشملت دعم مصر في سياسات مواجهة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ويتم ذلك من خلال مزيد من التنمية في المناطق الأكثر تعرضًا للهجرة منها( Delegation of the European Union to Egypt, 2021) ؛ ولذلك تحرص أوروبا على "أمن واستقرار" مصر كمصلحة إستراتيجية أوروبية.

شكل رقم (2) أعداد اللاجئين في مصر، يناير 2024

المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سياق اللاجئين في مصر، متاح على الرابط التالي: https://shorturl.at/dpuL5

ملف أمن الطاقة: على الرغم من تقدم أوروبا في مجال الطاقة المتجددة، فإنها ما زالت تعتمد بشكل كبير على الطاقة الأحفورية، وقد سلط غزو روسيا لأوكرانيا الضوء على آثار هذا الاعتماد، إذ بلغت حصة الطاقة الروسية في إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي نسبة كبيرة بلغت 42.6% (Servet Yanatma, 2023)، مع ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز بما يصل إلى 15 ضعفًا منذ أوائل عام 2021 (JEROMIN ZETTELMEYE, et.al, 2022)، ومن هنا بدأ البحث عن وجهات أخرى للحصول على الطاقة.

وفى إطار سعى مصر لدعم قطاع الطاقة، تزايد الاهتمام الأوروبي بالشراكة مع تزايد دور القاهرة في تعويض أوروبا بجزء من احتياجاتها من الغاز عبر محطتي إسالة إدكو ودمياط، كذلك عبر منتدى غاز شرق المتوسط الذي تعول عليه أوروبا لتعويض النقص في الطاقة. كما أن مصر تنعم بالفعل بإمكانات كبيرة في إنتاج الغاز، كذلك الطاقة المتجددة التي قطعت فيها خطوات ملموسة، فضلًا عن تقدم واضح في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو ما يؤهل مصر للمساهمة في تطوير خطة متوسطية للطاقة المتجددة (Ahmed Biomy, 2023).

وفي هذا السياق، سبق ووقعت مصر مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي على هامش مؤتمر COP27 لتقديم الدعم إلى مصر في مجال توليد الطاقة المتجددة والتعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، كما وقعت مذكرة تفاهم بين مصر وشركة "سكاتك إيه إس إيه" النرويجية لدراسة مشروع تصدير الطاقة المتجددة من مصر إلى أوروبا، بقدرة لا تقل عن 3 جيجاوات. كذلك مذكرة تفاهم بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء وشركة "جان دي نال" البلجيكية الرائدة في مجال إنشاء البنية التحتية للكابلات البحرية وخدمات سوق الطاقة البحري. وبموجب هذه المذكرة، تبدأ الشركة في دراسة مشروع تصدير الطاقة المتجددة بين مصر وأوروبا لإنشاء خط ربط بحري بين مصر وأوروبا بقدرة لا تقل عن 2 جيجاوات، وهو ملف سيسهم بشكل كبير في تعزيز أطر التعاون بين البلدين.

دعم سبل التجارة والاستثمارات الأوروبية: يسعى الاتحاد الأوروبي إلى زيادة التعاون مع مصر باعتبارها بوابة مهمة لصادراته واستثماراته إلى إفريقيا. ومما لا شك فيه، أن أوروبا تعلم جيدًا المزايا الاقتصادية والتجارية في مصر، خاصة في المجال التجاري والزراعي والصناعي والطاقة، ولإدراكها أن هذه المزايا في ازدياد في ظل الثقل السياسي الذي تتمتع به مصر دوليًّا وإقليميًّا، فضلًا عن كونها همزة الوصل بين العالمين العربي والأوروبي، ونقطة تركز للأمن والاستقرار في المنطقة التي تمر حاليًّا بمرحلة حرجة من الاضطراب الشديد والتوتر السياسي. وتقف الشراكة الإستراتيجية على أهبة الاستعداد لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر من أجل التنفيذ الكامل وإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لمنطقة التجارة الحرة التابعة لاتفاقية الشراكة، مع فتح آفاق رحبة للاستثمارات الأوروبية في مصر في قطاعات عدة (The European Commission, 2024).

مصالح الجانب المصري:

تعانى مصر في الفترة الراهنة من عدة تحديات اقتصادية وسط مجموعة من التوترات الإقليمية والعالمية، على رأسها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد، إذ تراجع أداء القطاع السياحي في مصر، وتكبدت التجارة الخارجية تكاليف مرتفعة ظهرت في موجة من التضخم والغلاء. يضاف إلى ذلك تداعيات حرب إسرائيل على غزة المتاخمة لشبه جزيرة سيناء، وما تبعها من توترات أمنية في البحر الأحمر وعمليات الحوثيين التي أثرت سلبًا في قناة السويس لتفقدها نحو 50% من إيراداتها بداية العام (Fatheya Eldakhakhny ,2024) ، وهو ما أثر في حصيلة النقد الأجنبي لمصر، وفي وقت تواجه فيه تحديات اقتصادية، كما خسر الجنيه المصري نصف قيمته أمام الدولار الأمريكي بين مارس 2022 وأكتوبر 2023، كذلك انخفضت احتياطيات العملات الأجنبية من أعلى مستوى نسبي قدره 45 مليار دولار أمريكي عام 2019 إلى 35 مليار دولار أمريكي في أكتوبر 2023.

ودفع كل ما سبق مؤسسات عالمية مثل بنك "جولدمان ساكس" إلى توقع ازدياد حاجة مصر إلى نحو 13 مليار دولار لسد فجوة النقد الأجنبي بها، ولكن بعد صفقة رأس الحكمة الإماراتية، واستكمال إجراءات قرض صندوق النقد الدولي، كذلك الحزمة المالية التي قدمها الاتحاد الأوروبى إلى مصر، ساهم كل ذلك في أن تجمع مصر حصيلة جيدة من النقد الأجنبي، وتغيير توقعات "جولدمان ساكس" من عجز إلى فائض دولاري ليرتفع احتياطي النقد الأجنبي في مصر إلى أكثر من 60 مليار دولار بنهاية عام 2027، كما عدل توقعاته لمستقبل الموازنة العامة المصرية من عجز بنحو 13 مليار دولار إلى فائض تمويلي بأكثر من 26 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة (Business Today, 2024)، كما عدلت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية إلى مصر من مستقرة إلى إيجابية، وهو ما يشير إلى فوائد اقتصادية لصالح مصر في ظل تزايد الثقة الدولية، بما سيمكنها من الدخول في شراكة اقتصادية ومشاريع تنموية متعددة خلال الفترة المقبلة.

ويساعد هذا التعاون الأوروبي على دعم أجندة التنمية المصرية لعام 2030 لضمان استقرار الاقتصاد الكلي على المدى الطويل والنمو الاقتصادي المستدام، بناءً على الأولويات المحددة بشكل مشترك وأهداف الإصلاح، كما سيدفع استثمارات القطاع الخاص في مجالات مختلفة، إذ يلتزم الاتحاد الأوروبي بشدة بتعزيز جوانب التعاون مع مصر في مجالات متعددة بخلاف الطاقة بما في ذلك: التصنيع المتقدم، والزراعة، والأمن الغذائي، والاتصال والرقمنة، والأمن المائي، وإدارة المياه. وستجذب هذه القطاعات ما يصل إلى 5 مليارات يورو من الاستثمارات الأوروبية المدعومة بضمانات بموجب خطة الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة والاستثمار. كما سيدعم الاتحاد الأوروبي جهود مصر المستمرة لتعزيز بيئة الأعمال والاستثمار لديها.

خاتمة

جاءت تلك الشراكة المصرية الأوروبية لتأخذ طابعًا أشمل ومتعددًا في توقيت هام لكل من الطرفين، حيث يسعى الجانب الأوروبي إلى الحد من الهجرة غير النظامية التي خلقتها الظروف العالمية والإقليمية المتوترة إلى حد كبير، كذلك محاولة دول الاتحاد خلق آفاق اقتصادية لها بمصر كنقطة ارتكاز رئيسية لمنطقة الشرق الأوسط وبوابة رئيسية للقارة الإفريقية، فى ظل تنافس دولي على أسواق إفريقيا. أما الجانب المصري، فدفعته ظروف الاقتصاد الصعبة التي يشهدها إلى تعزيز علاقته بالشركاء الرئيسيين لجذب العملة الصعبة وتجديد الثقة الدولية به، مع العلم بأن تدفق جملة التمويلات من شركاء أوروبا لا يتم بشكل آني، لكنه يسهم في استقرار أوضاع الاقتصاد وسعر الصرف نسبيًّا.

وتبقى جدوى الشراكة المصرية الأوروبية في النهاية مرتبطة بشكل كبير بمدى التزام أوروبا بتنفيذ الخطط التنموية المقررة ضمن الشراكة، وبالشكل الذى يخدم احتياجات ومتطلبات مصر الاقتصادية في الوقت الراهن. فرغم مرور سنوات على العلاقات الاقتصادية بين مصر وأوروبا، واستفادة مصر بالتأكيد من أوجه التعاون معها، فإن الميزان التجاري لمصر مع دول الاتحاد الأوروبي ما زال يشهد عجزًا، فضلًا عن استمرار وجود الاشتراطات والقيود الموضوعة لنفاذ المنتجات المصرية في السوق الأوروبية. كذلك الحال بالنسبة إلى نقل وتوطين التكنولوجيا الصناعية في مصر، التي لم تشهد تقدمًا ملحوظًا.

المراجع

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كتاب الإحصاء السنوي، (القاهرة: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2023)، ص ص. 16-17.
لجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إحصاءات الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/rbxBSJz
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان صحفي عن العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/Xc6pUfOe
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سياق اللاجئين في مصر، متاح على الرابط التالى: https://2u.pw/hLhBuPG
الهيئة العامة للاستعلامات، مصر والاتحاد الأوروبي، يونيو 2022، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/TT799kR2
أحمد بيومي، أبعاد العلاقات الاقتصادية بين مصر وأوروبا، المرصد المصري، نوفمبر 2023، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/uuhS1Fix
فتحية الدخاخنى، ماذا يعني ترفيع العلاقات بين مصر وأوروبا لـ"شراكة استراتيجية"؟، الشرق الأوسط، 17 مارس 2024، متاحة على الرابط التالي : https://2u.pw/7zBNtY47

مراجع إضافية:

الهيئة العامة للاستعلامات، مصر والاتحاد الأوروبي، يونيو 2022، متاح على الرابط التالى: https://2u.pw/TT799kR2
خالد عبدالحميد حسانين، "تقييم أثر الشراکة الأورو-متوسطية على التجارة بين مصر والاتحاد الأوروبي في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المعاصرة"، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، العدد 2، المجلد 19، 2018.
عمر سالمان، ومحمد أحمد محمد الشافعي، "تقييم أثر اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية على الميزان التجاري المصري"، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، كلية التجارة جامعة حلوان، العدد 1، المجلد 37، 2023.

Read Also